عمق المشكلة في مصر
المشكلة في مصر أن الكل يلعب سياسة!
ليس هناك مشكلة في المشاركة السياسية والتحدث في السياسة فهذا أصل في الحريات والديمقراطية لكن اللعب في السياسة هو من ضمن شريحة يختارها الشعب لتقوم بهذا الدور
في مصر:
العسكر يحددون الحكومة والرئيس
رجال الدين المتحدثون باسم السماء من المسلمين والاقباط يقودون الجماهير لنصرة الرب ويرشحون الرجال الذين يريدون
حتى القضاء انزلق في السياسة وصار رئيس نادي القضاة المنتخب والممثل للقضاة يتحدث علنا بعدائه لهذا وذاك ويعد بعرقلة العملية السياسية
إلى أن صار المواطن العادي البسيط يقتحم السفارة ويكسر قسم الشرطة ويقف بالأيام
والأسابيع في ميدان التحرير مطالبا باسقاط الرئيس والحكومة والمجلس العسكري ...
ثقافة الضد
حذرنا من قبل مراراً بأن ما تدعو له من الكراهية والضد يعود عليك إن عاجلا أو آجلا، فالقانون ينص: "ما زاد عن حده أنقلب ضده"، وهو ما حدث ويحدث في كل تغيير عنفي
أو مبني على كراهية، وهو ما يحاول بعض السذج ورجال الدين من عمله في سوريا بافضاء روح طائفية عنصرية على المشروع لتصبح حربا مقدسة دينية فيها نصرة الرب
في السماء أو المذهب في الأرض، وكل دعوة هذا مبدؤها فمآلها السقوط من الداخل، وتنقلب على نفسها
في البداية كان الشعب ضد النظام
ثم صار الشعب ضد النظام والرئيس
ثم صار الشعب ضد النظام والرئيس والحكومة
ثم صار الشعب ضد النظام والرئيس والحكومة والمجلس العسكري
ثم صار الشعب ضد النظام والرئيس والحكومة والمجلس العسكري والقضاء
ومستمرون في مسلسل الضد
بودك تعرف هم مع من؟ ويريدون اعمار من؟ بدل "اسقاط" وهذا ما لا تجد له اجابة سوى الضبابية مثل "مع الله" أو "مع الكرامة" أو "مع المواطن المصري" كأن الله ضد البقية أو أن البقية ضد الكرامة
الضبابية تخيم فوق مصر
قلت في السابق أني أفضل فوز الاخوان لثلاثة أسباب: الأول للاستقرار الأمني؛ فالاخوان اذا خسروا الانتخابات الرئاسية، وهو للأسف ما يهيأ له المجلس العسكري الحاكم الحقيقي والوحيد، فإن الإخوان لن يسكتوا وستستمر الثورة إلى التدخل الأجنبي، كالعادة. والثاني حتي يعرف الناس والمتحمسون أن الإخوان كبقية الاحزاب في مصر بشر، ليس لديهم رؤية واضحة، منهجية ضد، وفي التصويت القادم سيختارون الأصلح سواء من الاخوان أو غيرهم، هذه المرة فقط لن تكون ضد ولا للحزب، بل للأفضل. هذه هي المرحلة التي تنضج فيها الشعوب. والثالث: أن الاخوان ليس خيارا بل اجبار على الشعب، فإما أن يختار العودة إلى السابق أو يجرب الحكم الديني وكلاهما مر! لكن كما يقول المثل: "اش حادك ع المر، قال: اللي أمر منه". فالاخوان ملائكة يمشون في الأرض لو قورنوا بالعسكر الذين يحكمون مصر منذ 1950، كانوا مجلس الضباط الاحرار ثم مجلس قيادة الثورة، ثم المجلس العسكري
أقول أني قلت في السابق أني مع فوز مرشح الاخوان د محمد مرسي لأمن مصر؛ فالأمن مقدم على كل شيء في معايير التنمية، لو أردنا الحياة الكريمة والتنمية للمواطن المصري، لكن يبدو الآن أن الصورة صارت أكثر ضبابية ففوز مرسي قد لا يضمن حتى الأمن، بالذات بعد التدخل السافر من العسكر والقضاء في توجيه الخيارات السياسية
شفيق يتأهل
حكم المحمكة بحل مجلس الشعب وقانونية ترشح أحمد شفيق في يومين!! لم يحصل في تاريخ القضاء المصري، وكان متعمدا وواضحا للعيان وتم اقراره قبل يومين فقط من الانتخابات الرئاسية
ولأول مرة في الحقيقة يتحدث شفيق بهذا الطريقة القوية، فقد ظل مؤدبا أمام شتائم الاخوان ومرشحيهم وبقية الاحزاب طول فترة ترشحه، إلا أنه بعد الحكم، وربما حصوله على تأكيدات المجلس العسكري، خرج يتحدث بثقة وقوة
يدعم شفيق الأقباط، ورجال الجيش، ورجال الداخلية، والتجار، والشركات، وأهل الفن والاعلام، وأعضاء الحزب الوطني المنحل، وكل غير المتضررين من نظام مبارك وهم لا يقلون بحال عن 5 مليون صوت! والبقية تدعم مرسي، وهم أكثر. أمامنا عدة احتمالات مع هذه التهيؤة التي تعد لشفيق
احتمالات مصر الخمسة
1
فوز شفيق
نرى هذا الاحتمال من خلال رغبة من ذكرنا بعدم تسليم الحكم لرجال دين، أو من خلال التزوير الذي اعتادت عليه مصر عقودا من قبل المتنفذين. وهذا يعني استمرار مسلسل الضد والمظاهرات وضياع أكثر للتنمية والسياحة ودخول الشعب المصري في حالة من الكساد الاقتصادي سيشغله عن السياسة ويدخله في دوامة المقاومة والفقر، بالذات بعد أن يصدر حكم العفو المتوقع في مبارك، بعد أن تم اعفاء أبنائه وزوجته وجل أعوانه
2
فوز مرسي
وهو مرشح الاخوان، وهذا يعني مشاحنات سياسية بين القوى مستمرة إلى أجل غير مسمى، وسنأتي عند معضلة تشكيل الحكومة: هل حكومة منسجمة إخوانية تلاقي العداء من ملايين المعارضين، أم حكومة تكنوقراط لا قيمة لها سياسياً ولا دعم حقيقي، أم حكومة توافق بين الأحزاب، وهذا ما لا يتقنه الإخوان حالياً، لأن الإخوان يصعب عليهم في هذه المرحلة الانتقال من العمل التنظيمي إلى عمل الدولة مع القيادات الهرمة فكرياً، وفقدان القيادات الشابة الحقيقية القيادية (لا علاقة للعمر فيما نذكر هنا، بل العقلية). وهنا دوامة من الاختلافات والمشادات السياسية بين الاخوان وبين العسكر من جانب وفلول وأقطاب الحزب الوطني الحاكم السابق.
سيواجه مرسي أيضا معضلة العلاقات الخارجية؛ فهو وتنظيم الاخوان غير متقبل عالمياً، ومصر تعتمد على المساعدات الخارجية من قبل أمريكا والاتحاد الأوربي والخليج، وأمريكا تقف عن بعد من التنظيمات الاسلامية ولو كانت أحيانا تغازل وتتودد، والاتحاد الأوربي أيضاً لديه نفس التخوف، خاصة بعد أن يبدأ الإخوان في إصدار التشريعات المتوقعة لتغيير تركيبة الوضع المصري وتحويله لدولة دينية، والخليج لا يرغب بتنظيم ديني اخر على الطرف الآخر منه، فايران أصلا صداع مستمر للاستقرار. أمام عدم الرغبة في المساعدات للحكومة وشرطها فقط للشعب ستدخل مصر في موضوع الكرامة المعروف، ومساعدات مصر ضرورية فهي تتلقى أكثر من عشرة مليار مساعدات سنوية بشكل عسكري واقتصادي ونقدي من الجهات الثلاث هذه. أمريكا وحدها دفعت لمصر أكثر من 100 مليار دولار منذ حكم السادات!
3
سقوط النظام العسكري
ورغم أن هذا الاحتمال ضئيل إلا أنه من أخطر الاحتمالات التي لابد أن تناقش من قبل المتنفذين والقوى السياسية؛ فهذا يعني انتشار الفوضى، والانشقاقات في الجيش، والمليشيات، وتدخل اسرائيل لاحتلال سيناء مرة اخرى وجر البلاد لتدخل القوات الدولية للمحافظة على الأمن، لا سمح الله. هذا أخطرهم، ويجب تجنبه بأقصى التضحيات الممكنة. يجب على عقلاء مصر حفظ هذه المسألة لحين استباب الأمن البديل وتمكين الحكم كما حصل في تركيا
4
استمرار الوضع على ما هو عليه
وهو يقينا ورقة مطروحة في طاولة المجلس العسكري، وهو استمرار الوضع الحالي، الشبيه بحالة الطوارئ، وهي سهلة بالنسبة للعسكر، من خلال مناوشات وصراعات وتأجيج بين الطرفين، يتدخل فيعلن حالة الطوارئ الرسمية خاصة بعد استمرار مسلسل اغتيالات وبلطجية وتزعزع أمني في الشوارع، ويستمر الوضع فترة حتى يمل الشعب مع استمرار المساعدات الدولية بالتنسيق مع المجلس العسكري. وهي رسالة المجلس العسكري التأديبية للشعب! ويستمر الحاكم العسكري أو الصوري مع تزوير انتخابات البرلمان من جديد، وكأنك يا زيد ما غزيت
5
مصر التنمية والحضارة
يفيق من الشعب رجال ونساء وشباب وشابات يدركون هذا اللعب السياسي المؤجج للمشاعر المستفيد من قرابين الشعب التي تقدم تضحية لينالوا هم وجبتهم! هؤلاء المتحركون الجدد لهم اطلاع واسع فيما يجري لكن ليس لهم اهتمام بالانخراط باللعبة،
هؤلاء ليسوا ضد أحد، بل مع مصر، مع التنمية، مع مخطط واضح لما يمكننا أن نقوم به. أحياناً ما نستطيع أن نقوم به هو فقط تنظيف المجاري والأوساخ في الحي، أحياناً بتهدئة النفوس ونشر المحبة والسلام فيها، أحياناً بلقاءات حية تنشر التعلم والمعرفة والتطوير،
أحياناً بنشاط سلامي، مسابقة رياضية، برنامج صحي، دورة تدريبية، جلسة نية، ملتقى محبة، بناء مجمع تطوعي صغير جداً للحي.. الخ. هؤلاء ليسوا من ضمن حطب
الشطرنج، هؤلاء خارج اللعبة، يصنعون بنواياهم مصر، يدركون أن النية تأتي معها آلية التنفيذ، هؤلاء لا يزعمون نصر الله لهم، بل يرجون رحمته، لا ينصرون مذهيا أو دينا على غيره، بل يحترمون الخيارات، لا يأبهون بما تأججه الجزيرة والعربية والبي
بي سي والسي أن أن بل تلاقيهم في اليوتوب يشاهدون ما ينفع وما يجلب لهم فكرة جديدة للتطوير. مدركون، فطنون، يعلمون ما يجري، لكن لا يستجيبون لشد الطاقات هذا حيث هم يعلمون أن كل هذه اللعبة خطأ
أنا أدعو أصحابي وأخواتي وإخوتي في مصر لهذا الاحتمال، جعل الله مصر في الاحتمال الأفضل لها
التعليقات : 0
إرسال تعليق
أخي الكريم، رجاء قبل وضع أي كود في تعليقك، حوله بهذه الأداة ثم ضع الكود المولد لتجنب اختفاء بعض الوسوم.
الروابط الدعائية ستحذف لكونها تشوش على المتتبعين و تضر بمصداقية التعليقات.